ومن بين أهم تداعيات هذه الحرب وتحولاتها الشاملة، هو عودة الروح للصناعة المحلية المصرية، بعد انتشار حملات المقاطعة في الداخل والخارج للمنتجات الأمريكية والدول الصناعية الداعمة والمساندة للكيان الصهيوني.
ومع نمو واتساع حملات المقاطعة، يتولد في المقابل منتج مصري ويظهر في الأسواق، جديدًا او منسيًا، وسط ترحيب وتشجيع ودعم من أطراف المعادلة الصناعية.
فقد أعادت حملات دعم المنتج المصري الحياة مجددًا لعبارة "صنع في مصر"، ونفضت هذه الجهود المخلصة الغبار عن المنتجات المحلية، لتعود صناعات عديدة مثل صناعات العصائر والمشروبات والأغذية المحفوظة، ومستحضرات التجميل والروائح وغيرها الكثير، والتي لا تقل في جودتها وقيمتها الصحية والاقتصادية عن نظيرتها الخارجية، لتكتسب بعدًا جديدًا وهو انتشار الوعي الصناعي المتطور والمستدام، لدى الصانع والمنتج والمواطن.
ولتأسيس البنى التحتية وتطويرها لقطاعات الصناعة والإنتاج، ورفع مستوى الكفاءة والجودة للصناعة الوطنية، في جانب، ولتعزيز قدرات الإعلاميين في مجال الاقتصاد الأخضر من جانب آخر، يواصل اتحاد الصناعات المصرية مبادراته، وأحدثها إنجاز دراسة علمية حديثة، قامت بها جامعة "بولي تكنيك" الإيطالية - Polytechnic University of Milan"، بإشراف "مكتب الالتزام البيئي والتنمية المستدامة"، حيث توصلت الدراسة إلى العديد من المزايا الفنية الواعدة لاقتصاديات الهيدروجين في قطاع الصناعة المصري، بإنتاج الأسمدة و الأمونيا والميثانول، وتكرير النفط، واستخدامات النقل كمصدر للوقود لسيارات الركوب والحافلات وسفن الفضاء، وكذلك النقل البحري، وشملت الدراسة الهيدروجين الرمادي والأزرق، وصولا إلى طاقة المستقبل النظيفة وهي "الهيدروجين الأخضر"، وبنيته التحتية، وهي الطاقة الجديدة والمتجددة والتي يشكل توافرها في مصر، ميزة تنافسية للصناعة الوطنية، كما يرى د. شريف الجبلي رئيس لجنة تسيير مكتب الالتزام البيئي والتنمية المستدامة بالاتحاد، مشيرًا إلى أن الدراسة تتواكب مع فرص تطبيقات الهيدروجين الأخضر في الصناعات المختلفة، مع توجه الدولة لتوطين الهيدروجين الأخضر، صناعة وإنتاجًا، كمصدر مستقبلي للطاقة وأحد الآليات التي تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية للعديد من القطاعات الصناعية، في ظل التشريعات الدولية نحو تبني مفاهيم الاقتصاد الأخضر مثل الصفقة الأوروبية الخضراء وضريبة الكربون العابر للحدود.
واستثمارًا لميزات مصر التنافسية في مجال الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، فقد أشرف المكتب على توقيع 26 مذكرة تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بين العديد من المستثمرين في الداخل والخارج، كما يكشف المهندس أحمد كمال المدير التنفيذي لمكتب الالتزام البيئي، عبر مشاركة وعضوية المكتب في اللجنة الوطنية المعنية بدراسة أهمية تكنولوجيا الهيدروجين لمختلف القطاعات وبحث فرص توليد واستغلال الهيدروجين في مصر، والإعداد لإنشاء مجلس وطني للهيدروجين بمصر.
الميزات التنافسية قدمها كمال للإعلاميين، أعضاء جمعية كتاب البيئة والتنمية، الأسبوع الماضي، من خلال ورشة العمل للتعريف بالهيدروجين واستخداماته المستقبلية والمستدامة، حيث استعرض الميزات التنافسية لمصر عبر موقعها الجغرافي في ملتقى طرق التجارة العالمية، وكذلك اعتبارها ثاني دولة، في العالم، من حيث عدد الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف بالإضافة إلى الميزات المتعلقة بالبنية الأساسية المتعلقة بالغاز الطبيعي، والخبرات الفنية في مجال إسالة الغاز وأيضًا القدرات الخاصة بتحلية مياه البحر.
كما استعرض، تحليلا لنماذج الأعمال المقترحة لدفع نمو اقتصاد الهيدروجين الأخضر في مصر سواء على المدى القصير أو المتوسط أو المدى البعيد، وذلك اعتمادًا وأخذًا في الاعتبار عدد من العوامل مثل التطبيقات المتاحة للهيدروجين الأخضر، البنية الاساسية والتكنولوجيات المعنية بنقل وتخزين الهيدروجين الاخضر.
ولاشك أن مصر تمتلك قدرات عالية في هذا المجال؛ سواء كانت طاقة رياح أو طاقة شمسية؛ حيث تبلغ سرعة الرياح في بعض المناطق 10 متر/ الثانية، كما تبلغ عدد ساعات السطوع الشمسي من 2900 إلى 3200 ساعة سنويًا.
والمعروف ان الهيدروجين الأخضر هو الهيدروجين المنتج من التحلل الكهربي للمياه باستخدام كهرباء مولدة من مصادر طاقة متجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية.
وعبر إطلاقها إستراتيجية متكاملة للاقتصاد الأخضر، فقد بادرت الدولة بإنشاء أول مصنع "تجريبي" متكامل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في قارة إفريقيا، ويشمل عند اكتمال جميع مراحله، محللات كهربائية بطاقة 100 ميجا وات تعمل عن طريق 260 ميجا وات، من الطاقة المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة.. وهي خطوة فائقة الأهمية لتنمية حقيقية إقليمية مستدامة على الأرض..
a_thabet@hotmail.comتابعوا صفحتنا عل